قصور الواتة
أهلا بك زائرنا الحبيب ، نتمنى لك إقامة سعيدة في منتديات قصور الواتة .إذا لم يكن لديك حساب بعد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه .
قصور الواتة
أهلا بك زائرنا الحبيب ، نتمنى لك إقامة سعيدة في منتديات قصور الواتة .إذا لم يكن لديك حساب بعد ، نتشرف بدعوتك لإنشائه .
قصور الواتة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى يهتم بتبادل الأفكار و الخبرات والتجارب
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
الأعضاء الأكثر نشاطا : الطاهر مقدم 215 مشاركة *** الزهراء : 165 مشاركة *** ali08020 :163 مشاركة *** الجنة مقصدي : 150مشاركة *** رمضاني عيسى : 106 مشاركة ***** fatteh: م 105 مشاركة

 

 خصائص اللحم وذبائح الحَيوانات - د.محمد مروان السبع

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الزهراء
عضو مميز
عضو مميز
الزهراء


عدد المساهمات : 191
تاريخ التسجيل : 27/08/2012
العمر : 30

خصائص اللحم وذبائح الحَيوانات - د.محمد مروان السبع Empty
مُساهمةموضوع: خصائص اللحم وذبائح الحَيوانات - د.محمد مروان السبع   خصائص اللحم وذبائح الحَيوانات - د.محمد مروان السبع I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 24, 2012 2:27 pm



في مخطوطة نزهة النفوس وَالأفكار في خواصّ النبات والحَيوان والأحجار‏


لعل ما كتبه زين الدين الدمشقي عن خصائص اللحم في ذبائح الحيونات الزراعية يعتبر من أهم ما كتب في هذا الموضوع في تراثنا العلمي العربي. بل يمكن القول إن الشرح الوافي والمستفيض لخصائص اللحم في مختلف ذبائح الحيوانات الزراعية لا نجده البتة في المصادر التراثية المعتمدة، وما سبقه إليه أحد من العلماء العرب المسلمين الذين لهم القدح المعلى والمشهود لهم بالباع الطويل في علوم الحيوان عامة..‏



وزين الدين الدمشقي عالم معروف عند الأوساط العلمية. إذ نجد له ترجمات وافية لدى كل من الزركلي (1) وكحالة(2)، والسخاوي(3)، وابن العماد(4)، والنعيمي(5)، وحاجي خليفة(6) والبغدادي(7)، وبروكلمان (Cool... وغيرهم... واسمه الكامل عبد الرحمن بن أبو بكر بن داود الدمشقي الصالحي الحنبلي القادري ويعرف بابن داود (زين الدين أبو الفرج)، صوفي مشارك في علوم (كثيرة)، ولد بجبل قاسيون بدمشق عام 782هـ (1380م)، ونشأ بها وتوفي بالقدس في 29 ربيع الآخر عام 856 هـ (1452م)، من تصانيفه شرح الدر المنتقى المرفوع في أوراد اليوم والليلة والأسبوع لوالده وسماه تحفة العباد والكنز الأكبر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في مجلدين. وتسلية الواجم في الطاعون الهاجم، وفتح الأغلاق في الحث على مكارم الأخلاق، وكتابنا المخطوط هذا "نزهة النفوس والأفكار في خواص النبات والحيوان والأحجار"، الذي نحن بصدد تحقيق المواضيع الخاصة باللحم فيه.‏



ولعل غالبية المواضيع التي تخص الحيوان ومنافع أعضائه قد استقاها المؤلف ابن دادو من المصادر التي كتبها من سبقه من علماء عرب مهتمين بعالم الحيوان وعلى الأخص الدميري (9) في كتابه "حياة الحيوان الكبرى". إذ نجد أن الترتيب الأبجدي للحيوانات وما تمتلكه من منافع وفوائد يتطابق كثيراً مع المعلومات التي يوردها الدميري. إلا أن التوسعة الواضحة والشرح المستفيض عن ذبائح الحيوانات الزراعية وخصائص اللحم فيها لا نجده عند غيره كالجاحظ (10)، والقزويني (11)، والدميري والطبري(12)، وغيرهم. بل نؤكد جازمين بأنه قد تفرّد عنهم بهذا العمق العلمي الشامل الذي جعل من معلوماته ذات أهمية كبيرة وسبقاً علمياً تميز به من العلماء السابقين لعصره...‏



والمخطوط مؤلف من 271 ورقة 23 س وبحجم وسط. وقد كتب بخط واضح مقروء. ويوجد المخطوط في دار الكتب المصرية ـ الخزانة التيمورية ـ 46(13)، وبطبيعة الحال لن نتعرض إلى ما كتب في المخطوط عن خواص النبات والأحجار والحيوان بل سنقصر تحقيقنا على خواص اللحم فقط.‏



*ماقيل عن فضل اللحم:‏



يبدأ زين الدين الحديث عن اللحم في الضأن فيقول: "اللحم جمعه لحام ولحمان ولحوم. قال تعالى: (وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون((14)، وفي حديث للرسول ( قال: [فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام">(15)، فالثريد المرق. وكل طعام أفضل من مرقه. وروي عن الرسول ( أنه قال: [سيد طعام أهل الدنيا وأهل الجنة اللحم">(16). وفي حديث آخر ما دعي ( إلى لحم إلا أجاب ولا أهدي إليه لحم إلا قبله(17)، وعن ابن عباس قال: كان أحب الطعام إلى رسول ( الثريد واللحم (18). والثريد من الحيس، والحيس طعام يتخذ من السمن والأقط. وفي الصحيحين حديث عن أنس قال: إن رجالاً اجتمعوا وقرروا أن يذهبوا ومن جملة ما قالوا اعتزال النساء وقيام الليل وصوم الدهر وعدم أكل اللحم. فعلم ( فقال: [... وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني">. (19)، وعن علي رضي الله عنه قال: "كلوا اللحم فإنه يصفي اللون ويخمص البطن ويحسن الخلق"، وقال محمد بن واسع أكل اللحم يزيد في البصر. وقال محمد بن شهاب: يزيد سبعين قوة، وقال نافع. كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا كان رمضان لم يفته اللحم، وإذا سافر لم يفته أكل اللحم. يعني للمحفاظة على بقاء القوة والصحة وللتقوي على العبادة. واختلف العلماء في فضليته على الخبز. وقال ابن مفلح: ويتوجه أن اللحم أفضل لأنه طعام أهل الجنة، ولقوله تعالى: (أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير((20)، لأنه أشبه بجوهر المعدن. فاللحم سيد الأدم والخبز أفضل القوت.‏



*فضائل لحوم الحيوانات:‏



ينتقل زين الدين ابن داود بعد تلك الاستهلالة العطرة للحديث عن خصائص لحوم الحيوانات وفضائلها فيقول: "ولحوم الحيوانات التي لها فضل جرارة بالطبع (أي تمتلك خاصية الاجترار)(11)، ليست تغذو البدن فقط بل تسخنه مع ذلك والتي لها فضل يبس تجففه. (وهي أن الحيوانات الهرمة ذات لحوم قاسية جافة)(22)، والأهلي أرطب من البري. (نظراً إلى حياة الدعة والاستقرار وقلة الجري والعدو التي تسبب صرف الطاقة فتسوء نوعية اللحم)(23)، ولحم الضأن أفضل لحوم المواشي حار في الدرجة الثانية رطب في الأولى. (إن هذا التعميم الذي يطلقه ابن داود زين الدين مقبول في بلاد المشرق العربي عامة لأن سلالات الأغنام الموجودة في تلك المناطق ذات ألية ولذلك تمتاز بانفصال الدهن عن الهبر وتجميعه في منطقة محددة. وتعطي هذه الميزة نكهة جيدة للحم تستطيبها شعوب المشرق العربي. أما في البلدان و المناطق الأخرى فإن أذواق الشعوب تتفاوت في استهلاكها للحم الأغنام. فأوروبا مثلاً تفضل لحوم الخنازير بالدرجة الأولى ثم لحوم الأبقار فلحوم الأغنام. أما في أمريكا فإن اللحم المفضل هو لحم الأبقار بالدرجة الأولى نظراً إلى وجود سلالات متخصصة وراثياً في إنتاج اللحم المرمري الممتاز)(24)، ويتابع ابن داود فيقول: "قال ابن سينا اللحوم الفاضلة هي لحوم الضأن وهو مع حرارته لطيف وهو غذاء مقو للبدن ومولد دماً صالحاً لمن أجاد هضمه ويمنع المرة السوداء ويزيد في المني ويحد الذهن ويقوي الحفظ وينفع من السموم". (وفي الحقيقة فإن القيمة الغذائية والحيوية للحم تتوقف على مقدار ما يحتويه من المواد الغذائية الضرورية للإنسان لكي ينمو ويجدد الخلايا ويرمم التالف منها. فاللحم يحتوي على الدهون والبروتينات والشعريات والأملاح المعدنية والفيتامينات وجميع المواد الضرورية للجسم بكميات كافية. والبروتين في اللحم بصورة خاصة عالي القيمة الغذائية لاحتوائه على جميع الأحماض الأمينية الضرورية للجسم وعلى مركبات الميوجين والميوجلوبين والالاستين والكولاجين وغيرها).(25).‏



*تأثير الجنس والنوع على اللحم:‏



يقول ابن داود: "لحم الذكر أفضل لاسيما الخصي فإنه أخف وألذ وأعون على الباه". (ولاشك أن لحم الذكور أفضل نظراً لكثرة ترسب الهبر وقلة الدهن بفضل امتلاك الذكور لهرمونات الذكورة التستسترون والأندروجين. ويبدو أن الذوق العام لمجموع الشعب العربي فيما يتعلق بلحوم الذكور قد بقي ثابتاً على حاله عبر الأجيال والسنين. إذ نجد في عصرنا هذا أن المجتمع يفضل لحوم الذكور على لحوم الإناث أيضاً. أما فيما يتعلق بموضوع الخصي فإن إجراء عملية الخصي قبل النضج الجنسي يعطي اللحم نكهة ألذ وعصيرية أعلى بفضل ارتفاع مستوى هرمونات الأنوثة الأستروجين والبروجسترون. أما إذا جرى خصي الذكور بعد النضج الجنسي فإن اللحم يصبح رطباً أكثر وتزداد فيه الدهون) (26).‏



ويتابع زين الدين هذا العرض الجميل فيقول: "ولحم الخرفان تالٍ للحم الأجدية في الجودة وأسخن وأرطب من النعاج. لكنه أغلظ وأكثر فضولاً من لحم الأجدية". (في الحقيقة أن لحم الجدايا أفضل خاصة في مرحلة الرضاعة وما بعدها بقليل. أما فيما بعد هذه المرحلة فإن الأفضلية تعود إلى لحم الخرفان لأن وجود الالية يعطي اللحم ميزة تفوق لحم الجدايا التي تفتقر إلى الالية)(27)، "وإذا كان مشوياً أضر بالقولج ويصلحه السكر. ولحوم النعاج أكثر فضولاً وأردأ خلطاً من الخرفان". (وهذا طبيعي لأن لحم النعاج يمتلك خاصيتين غير مرغوبتين من وجهة نظر الشرقي ـ الأولى أنه لحم إناث، والثانية أن النعاج بالغة كبيرة في السن. لذلك تكون لحومها أكثر دهناً وأردأ نوعية، وأقل سعراً في سوق القصابين)(28).‏



"واللحم الأحمر من الحيوان السمين أخف وأقل فضولاً وأجود غذاءً، لكنه أبطأ نزولاً. وقيل أجوده المتوسط بين السمين والهزيل، وأفضله وأمرأه العائذ بالعظم". (إن هذا الشرح يدل على فهم عميق بخصائص اللحم ومطابقتها لأذواق الناس. فاللحم المتوسط في درجة السمنة يعتبر الأفضل بالمقارنة مع لحوم الحيوانات السمينة الكثيرة الدهن المترهلة اللحم والحيوانات العجفاء الهزيلة التي لا تكسب هبراً ولا تنزّ دهناً)(29).‏



"ووسط العضل أنقى اللحم من العيب وأبعد اللحمان عن التعفن أقلها دهناً. والسمين أرطب من الأحمر وسريع الاستحالة إلى الدخانية والمرار، والبعيد العهد بالذبح أسرع انهضاماً من الطري". (وهذا صحيح تماماً. لأن من الضروري جداً أن يمر 24 ساعة على الأقل من ذبح الحيوانات لأن ذلك يجعل اللحم أكثر نضجاً خاصة إذا وضعت الذبائح في أمكنة مبردة (0 ـ 4م)، حيث يستمر السكر الحيواني (الغليكوجين) بالتحليل البطيء حتى يصل إلى جزيئات السكر (الجلوكوز)، وتتحلل أحماض اللبن المتركزة في العضلات ويصبح اللحم أكثر حلاوة. ومن هذا المنطلق يُحتفظ بالذبائح يوماً كاملاً في برادات المجازر الفنية ثم تسلم إلى أصحابها).(30).‏



"إلا أن القريب العهد أوفق لأصحاب المعدة الحارة. وهو من أغذية الأصحاء".‏



*خصائص أقسام الذبيحة:‏



ينتقل زين العابدين ابن داود للحديث عن تقسيم الذبيحة فيقول: "والمقدم أفضل من المؤخر. وكان أحب الشاة إلى رسول الله ( مقدمها، رواه الجوزي(31)، فكلما علا من الحيوان كان أجود خلا الرأس. ولحم العنق جيد لذيذ الانهضام. ولحم الذراع خفيف". (إن تقسيم أجزاء الذبيحة في الحيوان يختلف في التفضيل بين شعب وآخر ومنطقة وأخرى. إلا أن من المعروف لدى القصابين أن توزيع أجزاء الذبيحة على الزبائن يتوقف على نوع الطعام الذي سيعدّ مع اللحم. ووفقاً لكل طبق من الطعام ينتخب له جزء من الذبيحة). (32).‏



عن أبي هريرة قال: "أتي رسول الله ( بلحم فرفع إليه الذراع فنهش منه". (33)، ولحم الظهر كثير الغذاء يولد دماً محموداً، وعن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله ( "أطيب اللحم لحم الظهر"(34)، ولحم الضأن أكثر غذاء من المعز وأكثر إسخاناً وترطيباً وفضولاً، وأوفق لذوي الأمزجة المايلة عن الاعتدال إلى برودة، ومن يعتريهم الرياح، وفي الأزمان والبلدان الباردة ولمن يكد ويرتاض ويحتاج إلى قوة وجلد، والدم المتولد عنه أميز وألزج وأسخن من المتولد من لحوم المعز.‏



*صفات اللحم في أطباق الطعام:‏



يتابع زين الدين الكلام فيقول: "واللحم المطبوخ أنفع وأرطب وأخف على المعدة من الشواء والمطجن"، (وهذا صحيح لأن طهي اللحم في المرق يزيد من نضجه ويحلل كثيراً من المركبات البروتينية المعقدة الهضم كالآلانين والالاستين والغضاريف والأربطة وغيرها. أما في عملية الشواء فإن النار لا تنضج من اللحم سوى الأجزاء الظاهرة فقط وتبقى بقية المركبات والأجزاء الباطنة دون طهي أو إنضاج فيصعب هضمها في المعدة)(35). "وينبغي لمن أ كل لحم الضأن أن يأكل عليه كل ما يبرد. ويكثر من أكل الفواكه المزة والحامضة ويقل عليه أكل الحلوى. (حتى لا يعسر هضم اللحم). "والشواء من أغذية الأقوياء والمرتاضين. وأنفعه شواء الضأن الحولي ثم العجل السمين وذلك سنة إبرهيم عليه السلام. قال تعالى: (فما لبث أن جاء بعجل حنيذ(. (36). يعني المشوي على الرضف وهي الحجارة المحماة. وعن عبد الله بن حارث قال: "أكلنا مع رسول الله ( في المسجد لحماً قد شوي"(37)، وهو يقوي البدن ويغذوه بسرعة ويصلح لمن استفرغ بدنه والمشوي على الجمر خير من المشوي على اللهب وأردأه المشوي في الشمس. وينبغي أن يترك مكشوفاً بعد إخراجه ولا يغم فتحدث منه أمراض. (وهذا طبيعي فإن تغطية اللحم المشوي فترة طويلة تتسبب في فساده وتكاثر الجراثيم فيه). وهو عسر الهضم لا تستمريه إلا المعدة الحارة القوية. ولا ينبغي أن يؤخذ على طعام ولا يؤخذ معه غيره. ومطجن اللحم ومشويه أيبس من المطبوخ بالمرق. وغذاء المطجن رديء يصلح لمن تجشأ جشاءً حامضاً. وأما القديد فإنه أنفع من الالية المكسودة حار يابس أجوده السمين يقوي الأبدان الرطبة الرهلة. ومن حديث بلال رضي الله عنه قال: "ذبحت لرسول الله ( شاة ونحن مسافرون فقال: أصلح لحمها فلم أزل أطعمه منها إلى المدينة".(38). ومن حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: "لقد كنا نرفع الكراع فيأكله رسول الله ( بعد خمسة عشر يوماً من الأضاحي".(39)، وقال الأطباء والقديد يناسب اللحم الطري الذي عمل منه إلا أن التمليح يزيده فضل يبس وحرارة وطول انهضام، ويزيده مع ذلك كيفية أخرى بحسب الأباريز (أي التوابل) التي طرحت عليه. فإن كانت شديدة الحرارة كان أزيد حرارة وإن نقع في الخل قبل ذلك كان أقل حرارة وأسرع هضماً وألطف. وينفع المستسقي المنهزل. وهو بالجملة قليل الغذاء بالإضافة إلى اللحم الطري، لكن ادمانه يورث الحكة والجرب ويجعل الدم سوداوياً غليظاً، لاسيما إذا كان يفعل ذلك من لحوم الصيد. وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: أكل القديد اليابس بالليلة معين على الغثا وإصلاحه بأن يطال نقعه في الماء ثم يطبخ في البقول اللزجة كالاسفاناخ وغيره. ويطرح عليه من الشحوم الطرية والأدهان كالسيرج ودهن اللوز والسمن واللبن وغير ذلك.‏



*لحوم الأجنِّة:‏



"وأما لحوم الأجنِّة فغير محمودة ويجوز أكلها بغير تزكية كما روي من حديث للترمذي "ذكاة الجنين ذكاة أمه"(40)، ومنع أهل العراق أكله إلا أن يدرك حياً فيذكى. وأما لحم الهرم فرديء. ولا يجمع بين لحم وسمك ولا طري وقديد ولا يشرب الماء عقيب أكل اللحم المشوي فإنه يضعف المعدة". (لاشك أن لحوم الحيوانات البالغة الهرمة سيئة الطعم والنوعية، نظراً لأن كبر الحيوانات في السن يسبب قساوة اللحم وقلة العصيرية وصعوبة الهضم). (41).‏



*ماء اللحم (المرق):‏



يقول ابن داود واصفاً ماء اللحم "إنه يدخل في علاج ضعف القلب وهو ما يخرجه الطبخ من اللحم المدقوق حتى يسيل منه في القدر وينغلي ثم يصفى ويشرب. وأحمده في ذلك لحوم الحولي من الضأن والثني وبعده لحم الخرفان والجدايا. وماء لحم الضأن المحرق يبرئ التوثة ضماداً. وكذلك ينفع للبهق والقوابي ونهش الحيات ولذع العقارب لاسيما الخرفان. ورماد البيض منها ينفع بياض العين اكتحالاً. وإذا طبخت العظام بالخل وصب طبيخها على الرأس قطع الرعاف فقوة الحرق منها بالخل تجفف تجفيفاً كثيراً وينفع من القروح التي في الأعضاء اليابسة المزاج مثل الذكر والانثيين ضماداً. (من المعلوم أن ما يصفه زين الدين من طبخ العظام بالخل صحيح علمياً. لأن الخل يتفاعل مع الكالسيوم والفوسفور الموجودين في العظام وتتشكل مركبات خلات الكالسيوم والفوسفور التي تساعد في وقف الرعاف). (47)، وإذا سحقت وعجنت بماء الشعير وطلي بها آثار الجدري وغيره أذهبها. وليست إدامة أكل اللحم من هدي النبي ( ولا من طريقة أصحابه.‏



وقد روى الأمام مالك في الموطأ أن عمر بن الخطاب قال: "إياكم واللحم فإن له ضراوة كضراوة الخمر، وإن الله يبغض أهل البيت اللحمين". قال العلماء وهم الذين يكثرون أكل اللحم ويدمنونه. وكان عمر رضي الله عنه يتعاهد المجزرة فمن رآه يشريه أياماً متوالية علاه بالدرة. وقال الإمام أحمد أكره إدمان اللحم وقيل له في كم يأكل الرجل اللحم قال في أربعين يوماً. قال بعضهم ولعل مراده أكل ما ينبغي تركه أو مالم يحتج إليه. وقال بقراط لا تجعلوا أجوافكم مقبرة للحيوان. يعني إدمانه. وقال الأطباء اللحوم لا تصلح للمقلي وإدمانه يورث أمراضاً دموية وامتلائية والحميات الحادة ولا يؤكل الميِّت ولا المهزول ولا ما ولد في أقل من شهر وما ضربه سبع والمريض والغريق. وقال بعضهم أكل اللحم بائتاً من مواد الأسقام.‏



وأما الرؤوس فيقال إنها فاكهة اللحم وأجودها من حيوان معتدل الرطوبة، وهي رطبة ورؤوس الضأن أرطب من رؤوس المعز، والرأس كثير الغذاء مسخن مقو للبدن الضعيف إذا انهضم زائد في المني ولحم العينين أسرع نزولاً فتؤكل باللحم الكثير وأغذى مافيه لحم الخدين لأنه مركب من لحم رخو وعروق وعضل وجلد رطب سريع الانهضام معتدل الغذاء وإدمان أكله يثقل الرأس الضعيف المرتعش ويضعف البصر ويسرع نزول الماء في العين لكن قد يتولد عن أكل الرؤوس في البدن حمى وقولنج شديد وأكثر ما يتولد ذلك من الجلود والغضاريف التي فيه كما على الخدين والأذنين والنحف من الجلود والغلصمة والمنخرين، والامتلاء منه يعرض ضيق التنفس والقيء وغير ذلك". وهنا أحب أن أعلق نقطتين:‏



الأولى: إن غالبية العلماء والكتاب العرب يزجَّون في وصفاتهم وشروحاتهم دائماً أن المادة الفلانية أو الشيء الفلاني يزيد في المني ويقوي الباه. وأحسب أن اتجاههم هذا عائد إلى رغبتهم في زيادة التشويق عند قراءة مؤلفاتهم والإقبال على تطبيق وصفاتهم لعلمهم بأن هذا الموضوع أساسي ومهم في حياة الناس. والحقيقة أن هناك بعضاً من العقاقير والأعشاب والمواد والوصفات تقوي الباه لكن زيادة المني صفة ناتجة عن أمر وراثي في خلقة الكائن يختلف بين فرد وآخر. وإفراز المني كإفراز أية مادة أخرى في الجسم كالمخاط أو الدمع أو حمض كلور الماء في المعدة لا يحتاج إلا إلى مواد معينة بسيطة من السكريات والأملاح وبعض الدهون والبروتينات".(43).‏



الثانية: إن لحم الرؤوس يأتي في الدرجة الأخيرة بعد لحوم الأعضاء الأخرى لكثرة الأربطة والغضاريف والأوتار فيه وقلة العصيرية والدهن فيه. ولذلك فإن هضمه في معدة الإنسان يكون أصعب من أنواع اللحوم الأخرى(44). "وأعطى الفرزدق لرجل درهمين يشتري له لحماً. وقال له خذ المقدم وإياك والرأس والبطن فإن الداء فيها ومن أمسك عن الشبع منه لم تعرض له تلك الأعراض وتؤكل في زمن البرد لأنها مسخَّنة. وينبغي أن تجتنب الرؤوس والكوارع في شهر أيار والصيف والبلدان الحارة ويستعمل معها الدارصيني ومضغ المصطى وإذا احتقن بطبخ رأس ضأن رطب المعا السفلي (الأمعاء الغليظة)، والكلى أخصب البدن وزاد في الباه. والأدمغة التي هي داخل قحوف الرأس باردة رطبة لأنها تأخذ الرطوبات التي تكون في أبدان الحيوان ولو كان الدماغ حاراً مع حرارة القلب لالتهب الحيوان. وكل واحد منها يعدل حرارة الآخر ودماغ الحيوان السمين سمين وهو في عضو رئيس فكان حكمه حكم اللحم وهو يولد غذاء بلغمياً غليظاً بطيء الانحدار عن المعدة والمعا ويلطخها ويربطها ويذهب شهوة الطعام ويولد دماً بارداً لزجاً والمشوي منها أبطأ نزولاً من المطبوخ وأقل تلطيخاً للمعدة وكل دماغ صار إلى المعدة غثى وهيج القيء وأفضلها أدمغة الطير وينبغي أن يؤكل بالملح المطيب بالأفاويه والنعنع والصعتر والخردل والدار صيني". (إن الدماغ كجزء من ذبيحة الحيوان يعتبر من الأجزاء الثانوية من حيث القيمة الغذائية بعد اللحم. ولا يمكن الاعتماد عليه كغذاء أساسي للإنسان). (45).‏



"وأما الالية فمن الشحوم وهي عبارة عما ركب العجيزة من اللحم والشحم ومقصودي هنا التي يكون على أبدان الحيوان ولو كان الدماغ حاراً مع حرارة القلب فإن عجز الضأن وهي حارة رطبة أحر من الشحم. ومن حديث أنس مرفوعاً: "شفاء عرق الْنسا اليه شاة أعرابية تذاب ثم تجزأ ثلاثة أجزاء ثم تشرب على الريق في كل يوم جزءاً". (46). ولفظة الية عربي أسود وليس بالعظيم ولا بالصغير. فنعتّ ذلك لكثير فبرؤوا بإذن الله. وهذا الخطاب للعرب. لأن هذا المرض يعرض من يبس وقد يحدث من مادة غليظة لزجة فعلاجها بالإسهال والالية فيها الخاصيتان الإنضاج والتليين. وتعيين الشاة بالإعرابية لأنها ترعى أعشاب البر الحارة كالشيح والقيصوم ونحوها. لكن الالية أردأ من اللحم السمين رديئة الهضم والغذاء تفسد المعدة فتصلحها الافاويه الحارة كالزنجبيل والفلفل والدارصيني، ويستعمل بعدها الجوارشنات وهي ضماد جيد للعصب الجاسي وتنضج الدمامل والخراجات والالية المكسودة تناسب اللحم الطري الذي تعمل منه إلا أن التمليح يزيدها فضل يبس وحرارة فهي حارة يابسة الانهضام والمكسود يولد خلطاً غليظاً مائلاً إلى السواد ولا ينبغي لأحد أن يكثر استعماله لاسيما من الغالب على بدنه السواد ودمه غليط رديء لأنه يزيد الدماغ غلظاً ورداءة. (الالية صفة وراثية تختص بها سلالات أغنام الشرق العربي، والققفاس وإيران. وهي منطقة تتجمع فيها الدهون فتخلص الهبر من نكهة الزنخ ا لمعروفة في الأغنام العديمة الالية. وتعتبر الالية علامة على اكتناز الجسم ودرجة سمنته ومقدار التحويل الغذائي في سنوات الخير أو القحط. وفي التزاوج بين ذات الالية مع عديماتها ينتج الجيل الأول وسطاً بين الصفتين أي ذيل دهني عريض. وتتسرب في الالية الدهون الصلبة).(47).‏



"والثرب شحم رقيق قد غشى الكرش والمعي. وفي حديث عن أنس قال: أن يهودياً قد أضاف النبي فقدم له خبزاً واهالة سخنة(48)". والاهالة الشحم المذاب وأجود الشحم ماكان الشحم أسرع جموداً لكنه رديء الغذاء مطف للطعام فيدفع ضرره الليمون المملوح والزنجبيل. وقال بعضهم اللحم ينبت اللحم والشحم لا ينبت اللحم". (وهذا صحيح علمياً لأن اللحم يتكون من البروتينات والبروتين يضم في تركيبه الهيدروجين والأوكسجين والفحم والآزوت. بينما تفتقر الشحوم إلى الآزوت ولذلك لا تستطيع الشحوم بناء البروتينات. بينما يمكن في بعض العمليات البيوكيميائية أن تتحول بعض البروتينات إلى شحوم ودهون، وهذه تعتبر خسارة لدى المربين عند تسمين الحيونات(49)". والضرع إذا كان مملوءاً لبناً فغذاؤه إذا استمرأه جيد قريب من غذاء اللحم ويغزر اللبن والمني. وهو بارد يابس للعصبية فيه وإذا لم يستحكم هضمه تولد خلط بلغمي. وينبغي أن يؤكل بالأفاويه ليسرع انهضامه عن المعدة".‏



"وأما الأكارع فهي أطراف الأيدي والأرجل بل أطراف الأيدي يقال لها المقادم وهي أجودها صالحة للانهضام عديمة الفضول حسنة الكيموس. وقال بعضهم أطراف الحيوان لزجة عصبية تغدو غذاءً يسيراً وتسهل الطبيعة نافعة من السعال المتولد من الحرارة وخاصة إذا طبخت مع الشعير المقشور وتلين الحلق صالحة للمحمومين ولمن يحتاج إلى غذاء قليل ولمن به نفث الدم من أفواه البواسير وسحج الأمعاء والاغتذاء بها ينفع من شقائق الشفتين واللسان وقد ينفع بإدمان أكلها من يحتاج إلى أن ينجبر منه عضو مكسور. وقال بعضهم قليلة الغذاء والفضول وتولد دماً بارداً لزجاً وإن عملت بالأفاويه والخل قلت فضولها وبردها واندفع منها توليد القولنج الثفلي". (إن منافع الكوارع قليلة ولا تستخدم إلا في بعض الأطعمة الشعبية مع الثريد).‏



"وخصى المواشي من جنس اللحم الرخو إلا أنها ليست في جودة الخلط المتولد عنها كاللحم الرخو مثل الثديين وهي دون اللحم الرخو في سرعة الهضم وجودته وخصي الفتي من الحيوان أفضل. وأما خصى الكباش والتيوس والثيران فتأباها النفوس وهضمها عسر وخلطها رديء وأكلها مشوية ينفع من البول في الفراش". (تصنف الخصيتان مع الأجزاء الثانوية المأكولة من الذبيحة بعد اللحم. أي تدخل في فئة الدماغ والكبد والكليتين. ونفعهما كمادة بروتينية إنما باعتبارهما تحتويان على هرمونات الذكورة منها تأثير منشط على الحياة الجنسية(50).‏



*منافع الأحشاء الداخلية:‏



ينتقل ابن داود بعد ذلك للحديث عن الأحشاء الداخلية للذبيحة فيقول:"وأما ما تحويه بطون المواشي فنبتدئ أولاً بالقلب وأجودها ماكان من حيوان فتي وهي حارة صالحة لأصحاب الكد وإذا استحكم انهضامها غذت غذاء كثيراً جداً. وأكلها من كل حيوان فتي ينفع من الربو وضيق النفس لكنها تضر بالأنف الهضم (الرهيف)، لصلابتها وعسر انهضامها. ولذلك ينبغي أن تعمل بالكمون والخل والصعتر والفلفل. وقال بعضهم ليس بجيد الغذاء والأولى ألا يؤكل وإن أكل فمع شحم الكبش مطجناً بالزيت".‏



(يعتبر القلب من الأجزاء الثانوية المأكولة إنما من الفئة الثانية كاللسان والرئتين والطحال والمعدة والأمعاء). (51).‏



وأما أكباد المواشي والحيوانات المألوفة الأكل حارة رطبة والدم المتولد عنها محمود وأجودها أكباد الجدايا والخرفان وخير منها أكباد الدجاج المسمنة، والديوك ولكن الأكباد كلها عسرة الهضم بطيئة الانحدار عن المعدة والنفوذ في المعي. لذلك ينبغي ألا يكثر منها وينبغي أن تؤكل مطجنة بالزيت أو مشوية بعد شرحها وتؤكل بالملح والدار صيني وقد تصلح أن يتخذ منها للمحمومين بالخل والكراوية اليابسة بعد أن يجاد شيُّها وإن لم يكثر منها ولمْ يدمنها لم يخف مكروهاً لأن الدم المتولد منها صحيح جيد. (الكبد كما ذكرنا من الأجزاء الثانوية المأكولة ذات الدرجة الأولى وذات نفع محدد بإمداد الجسم بمادة الحديد المتكونة داخل الكريات الحمراء (52). ويقبل الناس على أكل أكباد الطيور أيضاً(53).". والرية (أي الرئة) حارة سهلة الهضم تحبس الطبع (أي الإمساك) يغذى بها الناقهون لسرعة انحدارها والمختار رئات الخرفان والجدايا ولا تصلح أن تطبخ الرئة بل تنقع في الخل والكراوية وتشوى ولكن غذاءها قليل تضر بأصحاب الكد وقيل هي يابسة عسرة الهضم. وإذا شويت رئة الخرفان بلا ملح وأخذت الرطوبة السائلة منها وطليت بها الثآليل الجافة الناتئة وتمودي (أي استمر). على ذلك قلعتها. وإذا طليت بها القوباء اليابسة لينتها. ومرارة الضأن تصلح لما تصلح له مرارة الثور غير أنها أضعف فعلاً. وإذا اكتحل بها مع العسل منعت نزول الماء في العين. والكليان جمع كلية وكلوة معتدلة الحر واليبس وقيل باردة رطبة تحبس الطبع وكلى الخرفان أحمد لاسيما إذا أكلت حارة وكذلك كلى الجدايا. لكن الكلى غير محمودة بل خلطها وهي عسيرة الهضم فتنضج بالخل ونحوه،وقيل: إدامة أكل كلى الغنم يعقر المثانة ولا ينبغي أن تؤكل كلى الحيوانات العظام. (كما ذكرنا فإن الكليتين تدخل في فئة الأجزاء الثانوية المأكولة من الدرجة الأولى). "وأما الطحال فقال ابن سينا فخيرها طحال الخنزير ومع ذلك فهو رديء الكيموس وفيه بعض القبض ويولد دماً سوداوياً وهو بطيء الهضم. ودم الطحال المتولد منه أسود غليظ ولا يؤمَن على مدمنه الأمراض السوداوية. (الطحال من الأجزاء الثانوية الفئة الثانية. وعادة لا يؤكل إلا من بعض الأسر الفقيرة).". والكروش قليلة الغذاء بالنسبة إلى اللحم وكذا المعي وماكان من المعي أدسم وأكثر شحماً كان أسخن وأكثر غذاء. والكروش عصبية باردة صالحة لمن يتدخن غذاؤه ولكنها عسرة الهضم رديئة الكيموس وقد يلطفها ويسرع هضمها الخل الثقيف إذا طبخت به مع السذاب والكرفس والأفاويه والأبازير الملطفة الطيبة الرائحة ولابد من أن يتولد من إدمانها بلاغم كثيرة يعسر خروجها ودوالي في الساقين. والمعى المسماة بالمصارين لا تصلح لطبخ الاسفيدباجات بل تستخدم في النقانق فإذا حشيت ينبغي أن يكثر شيها من الأبازير اللطيفة الطيبة الرائحة ولابد أن يتولد من إدمانها بلاغم كثيرة الغذاء عسرة الهضم والخروج من البطن لاسيما إذا حشيت باللحم الأحمر فينبغي أن يجاع بعدها". (تدخل المعدة والأمعاء الدقيقة والغليظة مع الأجزاء الثانوية المأكولة من الذبيحة ذات الدرجة الثانية، إضافة إلى بعض الاستعمالات التصنيعية كالأوتار والخيوط وغيرها). (54).‏



*النواتج التصنيعية للذبائح:‏



ينتقل زين الدين بعد ذلك للحديث عن النواتج الأخرى للذبيحة والتي لا تؤكل بل تستخدم استخدامات تصنيعية فيقول: "والدم حار رطب ينفع وهو حار للأورام السرطانية طلاء وإذا طلي الوضح بدم الضِأن ساعة ذبحه غير لونه. (يستخدم الدم كغذاء مجفف للدواجن والمجترات نظراً لغناه بالبروتينات والدهون والأملاح المعدنية).(55). وأما جلود الضأن فنفع الناس بها كثير جداً لا يمكن حصره. والفراء المتخذة من جلود الخرفان حارة رطبة لمشاكلتها طبيعة الإنسان وموافقة معتدلة المزاج نافعة للظهر والكليتين وإذا سلخ جلد كبش ووضع من ساعته على موضع الضرب المنسلخ من يد الإنسان نفعه". (عادة تستخدم جلود الأغنام بعد تمليحها ودباغتها لتوضع في البيوت فوق الأرض فقط. لأن تلك الجلود رقيقة لا تصلح للاستخدامات التصنيعية كجلود الأبقار). وخواص الصوف كثيرة ومنافعه غزيرة لقوله تعالى: (ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين(.(56). وأجود ماكان ليناً من رقبة الشاة وأفخاذها وإذا أخذ كما هو بوسخه وبلّ بخل وزيت وضمد به وافق الخراجات في ابتدائها والفسخ وكسر العظام فهو ملين من أجل الوسخ الذي فيه وإذا بلّ بخل ودهن ورد كان صالحاً للصداع البارد ووجع العين وسائر الأعضاء. وإذا تحملت المرأة بصوف النعجة قطعت الحَبَل. وإذا غطي إناء العسل بصوف الضأن الأبيض لم يقربه النمل. وإذا شد حبل صوف في ركبة ثور صعب ذلّ وسهل انقياده. وإذا أحرق صارت قوته حارة مع شيء يسير من لطافة حتى أنه يسرع في إذابة اللحم المترهل في الجراحات ويقع في الأضمدة وغيرها فيسخن ويجفف شديداً وصفة إحراقه إنه يملأ قدر فخار جديد ويُغطى رأسها سوى ثقب يخرج منه الدخان ثم تطلق فيه النار وقيل يمشط قبل ذلك وقيل بعد غسله. وقد يغسل هذا الرماد ويستعمل في أدوية العين واللباد المتخذ من صوف الحملان مندمج الأجزاء يمنع الهواء أن يصل إلى الأبدان ويمنع البخارات أن تتفشى فيكون اسخانه بيَّناً. وأما الثياب المتخذ من الصوف فقد لبسه ( والأنبياء قبله كموسى وغيره. قال ابن العمري وهو شعار المتقين ولباس الصالحين واختبار الزهاد والعارفين. وقال ابن الجوزي أن الأنبياء أحرموا من الجعرانة لبسهم الصوف. وهو يلبس خشناً وليناً ورديئاً وجيداً واليه ينسب جماعة الصوفية لأنه لباسهم في الغالب وهو لباس الشتاء وباردي المزاج وأصول الأبدان الرهلة. وقال بعضهم الصوف والشعر حاران خشنان منهكان للجسد وخاصة في الصيف ومن لبس ثوبين من صوف شاة افترسها ذئب أمن القولنج وقد تورثه حكة في جسده. والوسخ المجتمع في صوف الغنم يقال له زوفا رطب أجوده ماكان من صوف الفخذ والرقبة فيوضع في أواني فخار في شمس حارة ويصب عليه الماء ويحرك ثم يجمع ما يطفو على الماء من الودك ويترك حتى يجمد ويعمل كثيراً بأرمينية". (الصوف هو الغطاء الذي يغطي أجسام الأغنام. ويصنف إلى ثلاث فئات رئيسة. ناعمة: ويصنع منها أفخر الثياب الصوفية والأقمشة الجوخية على الإطلاق. نصف ناعمة: وهي أردأ نوعاً من سابقتها إلا أن معظم الأجواخ والأقمشة الصوفية تصنع منها. خشنة: هي أردأ الفئات بسبب امتلاكها للحراشف على أليافها الصوفية وغلاظة أ قطارها وسهولة تقصفها. ويصنع منها البسط والسجاد واللباد وبعض الألبسة اليدوية والفروات وتحشى بها الفرش واللحف وتنتج من أغنام الشرق العربي بصورة خاصة(57). والصوف نوعان خام ويباع بوسخه وشوكه ودهنه. ومغسول وتجري عليه عمليات غسيل متوالية حتى يصبح نظيفاً صالحاً للصناعة. وتختلف نعومة الصوف بين مناطق الجسم المختلفة فأنعمها البطن والأفخاذ. وتختلف النعومة أيضاً تبعاً لتقدم الحيوان في العمر(58)، وأما الشعر فهو أردأ من الصوف بكثير لسهولة تقصفه وغلاظة أقطاره وعدم مقدرته على حفظ الحرارة ولا ينسج بسهولة. وهناك فروق كثيرة بين النوعين لا مجال لذكرها هنا). (59). "والودك حار رطب ينضج ويحلل الأورام الصلبة وينفع من برد الكبد شرباً وطلاءاً ويحلل الصلابات في ناحية المثانة والرحم وينفع من برودتها، ومن برودة الكلى. وذلك كله بعد غسله ويغسل عدة مرات حتى يطفو الدسم.‏



*لبن الضأن:‏



ينتقل زين الدين بعد ذلك الحديث عن لبن الضأن فيقول: "وأما لبن الضأن فهو أغلظ الألبان وأرطبها فيه من الدسومة ما ليس في لبن البقر و المعز. (وهذا صحيح لأن نسبة الدسم في حليب الأغنام يزيد عن 6% بينما لا تزيد هذه النسبة في حليب الأبقار والماعز عن 4% في أحسن الأحوال، إضافة إلى غناه بالأملاح المعدنية ولونه أبيض المصفر). (60). "يزيد في جوهر الدماغ والنخاع وفي الباه لاسيما عند حلبه ويصفى اللون ويكسب اللحم وينفع أصحاب الدق والسل جيد للسعال والربو نافع من نفث الدم وعلل الصدر وينبغي أن تعلف النعجة لذلك هندباء وكزبرة رطبة ويابسة ولسان الثور والبقلة الحمقاء(61). ويسقى العليل من ذلك اللبن زنة أربعين درهماً إلى سبعين برب سوس وصمغ لوز. لكن لبن الضأن بطيء الانحدار غير ملائم للبدن يلهب البطن ويولد فضولاً بلغمية ليس بجيد للمعدة والإكثار منه يهيج الفواق ويورث بياضاً في الجلد، فينبغي أن يشاب بالماء ليكون ما نال منه البدن أقل (وهذا صحيح علمياً لأن معدات بعض الناس لا تتحمل شرب لبن الغنم الطازج ويسبب لها إرباكات معدية لغناه بالدسم والمواد الصلبة الجافة الأخرى. وإذا كان لابد من شربه فيمكن مذقه بالماء لتخفيف مكوناته قليلاً).(62). وتسكينه للعطش أسرع وتبريده أكثر. وأما اللبأ فهو أول اللبن في النتاج يخصب البدن وإذا أكل بالعسل انهضم سريعاً وإذا لم يؤكل بالعسل كان أبطأ هضماً وأبطأ في تولد الخلط الغليظ وأبطأ في الانحدار على المعدة والنفوذ في الأمعاء وماؤه ينقي العروق ويصلح مزاج الكبد الحارة وتقول لبأت تلبيئاً بالتسكين إذا حلبت الشاة لبأت قاله الجوهري ويسمى المسلكة بارد رطب. لكن اللبأ يضر المرطوبين ويهيج القولنج والفواق ويولد الحصاة ووجع المعدة ويحدث جشاءً دخانياً وسدداً وهو أذهب لشهوة الطعام من الجبن غير أنه أسرع نزولاً وأقل تسديداً". (اللبأ له تسميات مختلفة الصمغة والرسوب وهو أول ما ينزل من قطرات الحليب بعد الولادة يكون غنياً جداً بالبروتينات الهامة لبناء جسم المولود الجديد خاصة بالغلوبيولين والألبيومين ومرتفع في نسبة الدهن أيضاً ومفعم بالأجسام المضادة المانعة التي تحمي المولود الحديث من هجوم الجراثيم والأوبئة الفتاكة ويستمر نزول اللبأ في الأغنام بين 7 ـ 10 أيام وفي الأبقار والماعز بين 3 ـ 5 أيام، ويعود بعدها الحليب إلى وضعه العادي وتركيبه الطبيعي ولذلك من المهم جداً، أن ترضع الأم وليدها الحديث باللبأ لأنه مهم جداً له في أيامه الحرجة الأولى). (63).‏



*لحم الماعز:‏



ينتقل ابن داود بعد ذلك الحديث عن لحم الماعز فيقول: "أما لحم المعز فهو رديء لمن لم يعتده لاسيما التيس فإنه شديد اليبس عسر الانهضام مولد للخلط السوداوي والمسن من الإناث يولد خلطاً ردياً. ولحم كل هرم من الحيوان رديء الحال في انهضامه وفيما يتولد منه من الدم". (وهذا صحيح لأن للهرم دوراً في سوء نوعية اللحم وقساوته وقلة عصيريته). "وقال بعضهم وإياك ولحم المعز فإنه يولد الغم والنسيان ويحرك السوداء ويفسد الدم وقال بعضهم وإن كان مذموماً فليس مطلقاً وإنما هو للمشايخ والباردي المزاج ولمن لم يعتده". (وفي الحقيقة فإن لحم الماعز ليس سيئاً أو مذموماً وإنما هو أقل نوعية من لحم الضأن وفيه رائحة زنخة عند الطبخ). (64). ولحم الجدايا أرطب من لحوم الماعز معتدل في الحر والبرد والرطوبة واليبوسة. والدم المتولد عنه معتدل هو أقرب الأغذية استحالة إلى الدم بريء من كل داء لاسيما الرضيع غير قريب عهد بالولادة فهو أسرع هضماً لقلة فضوله وقوة اللبن فيه. موافق لأكثر الناس في غالب الأحوال لأنه لا يسرع بالامتلاء ولا تضعف عليه القوة ولا ينهك البدن لاسيما في الصيف والبلدان الحارة بتليين البطن. يغذى به صاحب السوداء المحترقة ينفعه نفعاً عجيباً". (لاشك أن لحوم الحيوانات الرضيعة يعتبر أطيب اللحوم وألذّها بسبب العصيرية والطراوة والنكهة المحببة لرائحة الحليب التي تفعم بها اللحوم. ويطلق على هذه الفئة من اللحوم لحم العجول الأبيض White dalf beef. إلا أن عدم استخدام هذه الطريقة في تسمين الجدايا والخرفان بشكل شائع يرجع إلى التكاليف الباهظة التي تتطلبها هذه التربية وخسارة ثمن الحليب الذي تشربه العجول على امتداد 6 ـ 8 أشهر بعد ولادتها). (65).‏



وينتقل ابن داود للحديث عن شحم المعز فيقول: "وشحم المعز أقبض في الصيف، ويرطب البدن اليابس نافع من قروح الحلق والسعال اليابس ونفث الدم ويحبس النوازل".‏



وأما لبن المعز فمعتدل لطيف يطلق البطن ويجلو الآثار القبيحة من الجلد وهو أقل ضرراً للبطن من غيره لأنها ترعى أشياء قابضة كشجر البطم والبلوط والزيتون. ولذلك صار جيداً للمعدة ويدرّ البول وينفع من الحمى العتيقة واستطلاق البطن. لأن المعز كثير المشي قليل الشرب. الحامض منه بطيء الاستمراء". (لاشك أن حليب الماعز مقبول شربه طازجاً لأن نسبة الدسم فيه منخفضة بين 2و3 ـ 5و3%. ومركباته الصلبة الجافة قريبة ـ نسبياً ـ من حليب المرأة ولذلك ينفع الأطفال الرضع، إضافة إلى قلة احتوائه على الغازات. وعادة لا يصنّع من حليب الماعز سوى اللبن فقط. ويشرب طازجاً أو يخلط مع حليب الأبقار أو الأغنام أحياناً لتخفيف نسبة مركباته الكيميائية، وتمتاز حبيبات الدهن فيه بأنها أصغر من مثيلتها في دهن الأبقار لذا فهي أسهل هضماً. ويمتص بسهولة من جدر الأمعاء. لذا ينصح بشربه للأشخاص ذوي المعدات الرهيفة كالأطفال والشيوخ والمرضى. وكذلك فإن الماعز نادراً ما يصاب بالسل. ولذلك لا يشكل شربه طازجاً خطورة على الإنسان من العدوى كما هو الحال في حليب الأبقار. وأخيراً يمتاز حليب الماعز بأن تفاعله (PH) يميل للقلوية ولذلك يعطى طازجاً وبصورة دائمة للأشخاص الذين يعانون من زيادة في حموضة المعدة).(66).‏


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خصائص اللحم وذبائح الحَيوانات - د.محمد مروان السبع
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» محمد بوخروبة
» حكم الحتفال بالمولد النبوي الشريف للشيخ محمد ابن صالح العثيمين رحمه الله.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
قصور الواتة :: منتدى الثقافة الطبية و العلوم :: منتدى الثقافة الطبية و العلوم-
انتقل الى: