القرضاوي يناشد ملك الأردن التحرّك لوقف هدم باب المغاربة

نداء عاجل لمنع هدم طريق باب المغاربة في الأقصى، ووقف الاعتداءات على القدس

جلالة الملك عبدالله بن حسين الثاني حفظه الله
ملك المملكة الأردنية الهاشمية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،

يطيب لي في البداية أن أتمنى لكم التوفيق في تحقيق مصلحة الأردن وشعبه في الأمن والاستقرار والازدهار، وأسأل الله أن ينفع بكم شعبكم وأمتكم لتكونوا سندًا لقضاياها المصيرية، ولا سيما قضية فلسطين وقلبها النابض القدس الأسيرة.

لا يخفى عليكم حجم المخاطر المحدقة بالقدس ومقدساتها في هذه الأيام التي يقود فيها الاحتلال الإسرائيلي حملة تهويدية شرسة تستهدف الحجر والبشر في محاولة لتشويه هوية القدس العربية والإسلامية، واقتلاع أهلها وطردهم من مدينتهم. ولا شك في أنكم تابعتم القرارات الإسرائيلية غير المسبوقة لإقرار آلاف الوحدات الاستيطانية، وكذلك لتجريف ما تبقى من مقبرة "مأمن الله" التي تضم رفات آلاف الصحابة والفاتحين والشهداء، لإقامة ما يسمى بـ "متحف التسامح" على أنقاض وجماجم ورفات موتى المسلمين!!. وتابعتم أيضًا قرارات الاحتلال بمضاعفة الضرائب على المقدسيين، ومنعهم من الوصول لدُور العبادة وغير ذلك من الاعتداءات المتصاعدة. ولكنَّ أخطر ما يهدد القدس اليوم هو نية الاحتلال تنفيذ قراره بهدم طريق باب المغاربة في السور الغربي للمسجد الأقصى، وإقامة جسر حديدي مكانه من شأنه أن يسمح بدخول آليات عسكرية ضخمة للأقصى، واقتحام أعداد كبيرة من المستوطنين المتطرفين وشرطتهم، وذلك في موعد أقصاه 25/11/2011.
إنّ الاحتلال الإسرائيلي لم يفكر في تنفيذ هذا القرار إلا بعدما شعر بشيء من الراحة وعدم المساءلة من أمتنا العربية والإسلامية، ولذلك أودّ تأكيد الأمور الآتية:
1. إن طريق باب المغاربة جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى، ومنه دخل رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلّم إلى الأقصى قبل معراجه على أغلب الروايات، وأي مساس به يعني مساسًا بمسرى رسولنا، وتدنيسًا لواحد من أقدس مقدساتنا، وعليه فإن كل الأمة مطالبة اليوم لهبّة في وجه المحتل الغاصب، ونسأل الله بأن لا يسوّدَ صحائفنا بأن نرى جزءًا من أقصانا يُهدَم من دون أن نحرِّك ساكنًا لنصرته.
2. إنّ نظرة سريعة لأبرز مواقف الأردن العزيز في هذا الشأن تؤكد مدى تأثير هذه المواقف على الاحتلال الذي أُرغِم في 7/2/2007 على وقف تنفيذ قراره بهدم طريق باب المغاربة بسبب هبة الشعوب العربية، وموقف الأردن المتقدم. كما أننا لا ننسى موقف بلدكم الشقيق إبّان اقتحام الأقصى ومحاصرة المصلين فيه في شهريْ أيلول/سبتمبر وتشرين أول/أكتوبر من العام الماضي، حيث رضخ الاحتلال لضغط الأردن، وأُجبِر على فكِّ الحصار عن المصلين والانسحاب من ساحات الأقصى. إننا ننتظر موقفًا مشرّفًا من المسؤولين في بلدكم العزيز يليق بوصايتكم على المقدسات في القدس، ورعايتها منذ عقود.
3. إن صيانة المسجد الأقصى والإشراف عليه حق حصريّ لدائرة الأوقاف الإسلامية في القدس التابعة لدائرة الأوقاف في الأردن، ونحن نرفض أي تدخل في شؤون الأقصى من غير دائرة الأوقاف في القدس، وسندعم أي جهود يقوم بها الأردن ودائرة الأوقاف في القدس لتثبيت هذا الحقّ، ونأمل من الأردن أن يستنفر كلّ مقدراته وإمكانياته ووسائل ضغطه ليمنع الاحتلال من التعدي على حقّه في الإشراف على المقدسات في القدس خاصة أن جرأة الاحتلال وصلت إلى حدّ منعها من القيام بواجبها إلا بإذن في كثير من الأحيان، واستدعاء المسؤولين فيها لمراكز شرطته وهذه سوابق يجب منع الاحتلال من تكرارها.
4. لقد سبق أن قام الأردن بطرح قضية باب المغاربة في الأونيسكو، الجهة الدولية المعنية بالحفاظ على التراث الإنساني، ونجح الأردن مع الجهد العربي والإسلامي باستصدار توصيات تدين الاحتلال وتطلب وقف إجراءاته لهدم الطريق، ولكنّ الاحتلال كعادته لم يكترث لذلك، ونحن اليوم نأمل من الأردن أن يقود العمل العربي والإسلامي المشترك لاستصدار قرارات من كل المنظمات الدولية ذات الصلة لإدانة إجراءات الاحتلال، وطلب وقفها، خاصة في هذه المرحلة التي تتزايد فيها عزلة الاحتلال الإسرائيلي بعدما سقطت كل الأقنعة التي تواري إجرامه.


القدس...
نحميها معًا...نستعيدها معًا

إن شاء الله يجد آذان صاغية